هناك من يزعم أن الصدام المتصاعد بين السلطة في مصر وجماعة الإخوان المسلمين خصوصا خلال السنوات الأخيرة يرجع بالدرجة الأولى للصراع حول قضية توريث الحكم وقبول أو رفض الإخوان لها أو وقوفهم عقبة في طريقها، وأن تصعيد الضربات الحكومية الأخيرة ضد قيادات ورموز الإخوان له علاقة بهذه المسالة الداخلية.
وبالمقابل هناك فريق آخر يرى أن الصدام راجع لسبب آخر أقوى "خارجي" له صلة بالداخل، هو قضية فلسطين التي تستند لها الأنظمة العربية عموما لتثبيت شرعيتها، وترفض أن ينافسها فيها أحد أو ينزع هذا الغطاء عنها مقولات مثل أنها تتعاون مع تل أبيب لغير صالح القضية الفلسطينية.
وقد ألمح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين – من خلال الوثائق التي نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي على "أرشيف الأمن الوطني" الأمريكي أوائل يوليو 2009 – لهذا، عندما قال للمحقق? "إن عدم رضا الشعوب عن الحكام (العرب) القائمين بسبب تعاملهم السلبي مع القضية الفلسطينية أو إهمالهم لها هو أحد أسباب الثورات في البلدان العربية ?على هؤلاء الحكام (في فترات سابقة)".
ويبدو أن قضية فلسطين هي الخط الأحمر الساخن الذي يفسر بدرجة أكبر سر هذا التصعيد من جانب السلطة ضد جماعة الإخوان في السنوات الأخيرة، خصوصا أن تحركات الإخوان في الفترة الماضية سواء لجهة المطالبة بفتح معبر رفح وكسر الحصار المفروض على غزة، أو لجهة تصوير الموقف الرسمي المصري على أنه متواطئ مع تل أبيب، تصب كلها في خانة سحب البساط من تحت أقدام "شرعية" السلطة فيما يخص رعاية قضية فلسطين، ولهذا جاء التصدي الحكومي قويا وعنيفا.
بعبارة أخرى، أصبح تعامل الإخوان مع هذه القضية – خاصة حصار غزة - سببا في غضب السلطة المصرية لأنه أظهرها بمظهر المتواطئ مع تل أبيب في الحصار، وتسبب في خروج مظاهرات عربية وإسلامية ضد السفارات المصرية تندد بموقف مصر من قضية فلسطين لأول مرة في التاريخ.
ولا شك أن هذا الصراع حول قضية خارجية (فلسطين)، يصب مع هذا – لخصوصية القضية الفلسطينية مصريا- في خانة الصراع الداخلي وجمع النقاط من جانب كل طرف (الحكومة والإخوان) للرأي العام. بل إن هناك من يفسر حملة الاعتقالات والتضييقات الأخيرة - منذ قضية غسيل الأموال التي حكم فيها القضاء العسكري بسجن 40 قياديا بالجماعة (إبريل 2008) وحتى قضية ما سمي بـ "التنظيم الدولي"، المعتقل على ذمتها 15 من قادة الجماعة- بأنها رد قوي من جانب الحكومة على تجاوز الإخوان الخطوط الحمراء للعبة وقيامهم بلعب دور الدولة في التعامل مع قضية حصار غزة محليا ودوليا، ولو تحت غطاء عربي شرعي هو اتحاد الأطباء العرب، عبر جمع التبرعات لغزة وشراء المستلزمات الطبية والغذاء وتسيير قوافل خرق الحصار.
وربما بسبب هذا التعامل العنيف من جانب السلطة مع الإخوان والذي طال عددا كبيرا من قيادات مكتب الإرشاد نفسه على غير المعتاد في لعبة المضايقات بين الطرفين، اعتبر محللون أن هذا مقدمة لتكتيك أمني – سياسي مصري لمحاولة استئصال الإخوان وتصفيتهم على غرار ما نجحت فيه الحكومة مع تنظيم الجماعات الإسلامية مثلا، في حين أن هذا يبدو غير وارد لصعوبته مع تنظيم قوي كالإخوان.
والشيء نفسه يُذكر فيما يخص قضية الشرعية السياسية، حيث تستمد الأنظمة العربية شرعيتها من وقوفها بجانب قضية فلسطين، والتي ربما استشعرت القاهرة حرجا شديدا فيما يتعلق بها منذ الغزو الإسرائيلي لغزة في يناير الماضي بعدما جرى تصوير دورها– من قبل المعارضة المصرية (الإخوان خصوصا)- بوصف دورها مكملا للدور الإسرائيلي في حصار المقاومة وضربها.
فالمعادلة التي طُرحت - بناء على هذه الاتهامات الإخوانية للسلطة بالمشاركة في حصار غزة – كانت تقوم على أن هذه الشرعية السياسية التي اكتسبها النظام منذ سنوات بفضل دفاعه عن القضية الفلسطينية ومحاربته من أجلها لم يعد لها وجود بعدما تخلت مصر عن غزة وفلسطين، وأصبح من يقوم بهذا الدور هي جماعة الإخوان المسلمين.
وبالمقابل هناك فريق آخر يرى أن الصدام راجع لسبب آخر أقوى "خارجي" له صلة بالداخل، هو قضية فلسطين التي تستند لها الأنظمة العربية عموما لتثبيت شرعيتها، وترفض أن ينافسها فيها أحد أو ينزع هذا الغطاء عنها مقولات مثل أنها تتعاون مع تل أبيب لغير صالح القضية الفلسطينية.
وقد ألمح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين – من خلال الوثائق التي نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي على "أرشيف الأمن الوطني" الأمريكي أوائل يوليو 2009 – لهذا، عندما قال للمحقق? "إن عدم رضا الشعوب عن الحكام (العرب) القائمين بسبب تعاملهم السلبي مع القضية الفلسطينية أو إهمالهم لها هو أحد أسباب الثورات في البلدان العربية ?على هؤلاء الحكام (في فترات سابقة)".
ويبدو أن قضية فلسطين هي الخط الأحمر الساخن الذي يفسر بدرجة أكبر سر هذا التصعيد من جانب السلطة ضد جماعة الإخوان في السنوات الأخيرة، خصوصا أن تحركات الإخوان في الفترة الماضية سواء لجهة المطالبة بفتح معبر رفح وكسر الحصار المفروض على غزة، أو لجهة تصوير الموقف الرسمي المصري على أنه متواطئ مع تل أبيب، تصب كلها في خانة سحب البساط من تحت أقدام "شرعية" السلطة فيما يخص رعاية قضية فلسطين، ولهذا جاء التصدي الحكومي قويا وعنيفا.
بعبارة أخرى، أصبح تعامل الإخوان مع هذه القضية – خاصة حصار غزة - سببا في غضب السلطة المصرية لأنه أظهرها بمظهر المتواطئ مع تل أبيب في الحصار، وتسبب في خروج مظاهرات عربية وإسلامية ضد السفارات المصرية تندد بموقف مصر من قضية فلسطين لأول مرة في التاريخ.
ولا شك أن هذا الصراع حول قضية خارجية (فلسطين)، يصب مع هذا – لخصوصية القضية الفلسطينية مصريا- في خانة الصراع الداخلي وجمع النقاط من جانب كل طرف (الحكومة والإخوان) للرأي العام. بل إن هناك من يفسر حملة الاعتقالات والتضييقات الأخيرة - منذ قضية غسيل الأموال التي حكم فيها القضاء العسكري بسجن 40 قياديا بالجماعة (إبريل 2008) وحتى قضية ما سمي بـ "التنظيم الدولي"، المعتقل على ذمتها 15 من قادة الجماعة- بأنها رد قوي من جانب الحكومة على تجاوز الإخوان الخطوط الحمراء للعبة وقيامهم بلعب دور الدولة في التعامل مع قضية حصار غزة محليا ودوليا، ولو تحت غطاء عربي شرعي هو اتحاد الأطباء العرب، عبر جمع التبرعات لغزة وشراء المستلزمات الطبية والغذاء وتسيير قوافل خرق الحصار.
وربما بسبب هذا التعامل العنيف من جانب السلطة مع الإخوان والذي طال عددا كبيرا من قيادات مكتب الإرشاد نفسه على غير المعتاد في لعبة المضايقات بين الطرفين، اعتبر محللون أن هذا مقدمة لتكتيك أمني – سياسي مصري لمحاولة استئصال الإخوان وتصفيتهم على غرار ما نجحت فيه الحكومة مع تنظيم الجماعات الإسلامية مثلا، في حين أن هذا يبدو غير وارد لصعوبته مع تنظيم قوي كالإخوان.
والشيء نفسه يُذكر فيما يخص قضية الشرعية السياسية، حيث تستمد الأنظمة العربية شرعيتها من وقوفها بجانب قضية فلسطين، والتي ربما استشعرت القاهرة حرجا شديدا فيما يتعلق بها منذ الغزو الإسرائيلي لغزة في يناير الماضي بعدما جرى تصوير دورها– من قبل المعارضة المصرية (الإخوان خصوصا)- بوصف دورها مكملا للدور الإسرائيلي في حصار المقاومة وضربها.
فالمعادلة التي طُرحت - بناء على هذه الاتهامات الإخوانية للسلطة بالمشاركة في حصار غزة – كانت تقوم على أن هذه الشرعية السياسية التي اكتسبها النظام منذ سنوات بفضل دفاعه عن القضية الفلسطينية ومحاربته من أجلها لم يعد لها وجود بعدما تخلت مصر عن غزة وفلسطين، وأصبح من يقوم بهذا الدور هي جماعة الإخوان المسلمين.
ناهيك عن أن هذا الطعن في شرعية السلطة السياسية من زاوية تبنيها للقضية الفلسطينية يصب في نهاية الأمر في مصلحة الإخوان في الداخل المصري؛ مما يقوي دورهم السياسي على الساحة الانتخابية ويجعلهم رقما صعبا لا يسهل تجاوزه فيما يخص إنجاز ملفات مثل "التوريث الانتخابي" أو تمرير انتخابات برلمانية ورئاسية مقبلة بدون أزمات سياسية.
وهذه النظرية المفترضة حول تمحور الخلاف على قضية فلسطين تنفي بالتالي أن يكون هناك صراعا على ما يسمي "التوريث الانتخابي" الذي دار حوله نقاش ساخن مؤخرا بعد تكهنات بحل مبكر للبرلمان المصري، خصوصا أن هذه القضية يصعب على الإخوان التأثير فيها، فضلا عن أن الحديث يدور عن انتخابات تعددية رئاسية يفوز فيها مرشح الحزب الحاكم أيا كان، سواء نجل الرئيس أو غيره.
مؤشرات حكومية
ويؤيد هذا الطرح الخاص بأن سبب التصعيد والرد الحكومي العنيف المتواصل ضد الإخوان هو لعب الإخوان على قضية فلسطين ودخولهم على خط تسويات دولية لإفسادها- ما عمق الهوة بين الطرفين- العديد من التصريحات التي صدرت عن مسئولين حكوميين مصريين تصب في خانة عدم تخلي مصر عن القضية الفلسطينية.. ظهر هذا في تصريحات الرئيس مبارك الأخيرة خلال لقاءه مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، حينما أكد أن القضية الفلسطينية "ستظل على رأس أولويات مصر والعالم العربي رغم ما تتعرض له المنطقة من أزمات وتهديدات ومخاطر".
كما أن مذكرة تحريات أمن الدولة الثانية لقضية التنظيم الدولي للإخوان، الذين ألقي القبض عليهم أواخر يونيو الماضي، أشارت ضمنا لمنافسة الإخوان للدور الحكومي، بالقول إن "التنظيم استغل التعاطف الجماهيري مع القضية الفلسطينية وقام بجمع التبرعات بدعوى استغلال حصيلتها في ضخها بالمؤسسات الاقتصادية للتنظيم".
وقالت المذكرة إن "أجهزة الأمن ضبطت وثيقة تنظيمية بعنوان (حملة فلسطين) ضمن مضبوطات القضية رقم 462 حصر أمن دولة عليا عام 2004، تتضمن خطة تحرك جماعة الإخوان المسلمين في الأوساط الجماهيرية والطلابية والجمعيات الأهلية والمؤسسات الحكومية لتفعيل القضية الفلسطينية وجمع التبرعات التي تستخدم في دعم الأنشطة الإخوانية".
ولوحظ في قرارات نيابة أمن الدولة العليا بمصر، والخاصة بحبس العشرات من المتهمين بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، أن النيابة وجهت للمعتقلين تهم: "الخروج في مظاهرات لإحراج النظام في مصر، واستغلال القضية الفلسطينية لإظهار النظام بمظهر متخاذل من القضية لإثارة الجماهير وإحداث بلبلة".
وعندما أثيرت أنباء الصفقة- التي قالت جريدة "الشروق" المصرية في عددها الصادر يوم 26 يوليو 2009 أنها طرحت على الإخوان من قبل شخصية سياسية، متضمنة وتنطوي على إطلاق سراح الإخوان مقابل عدم مشاركتهم في انتخابات 2011، ونفاها الدكتور علي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني الحاكم - لم يتنبه أحد لما قالته مصادر إخوانية للجريدة من أن "العرض الحكومي يقضي بوقف الحملة الأمنية والإفراج عن قيادات الجماعة، مقابل أن توقف الجماعة النشاطات التي تراها الدولة تحريضا وتأليبا للرأي العام ضدها تحت مظلة القضية الفلسطينية".
مؤشرات إخوانية
وأما تأكيدات الإخوان أنفسهم أن هناك علاقة بين الصدام الأخير وحملات الاعتقالات والمحاكمة، وبين تصعيد الإخوان أو تمسكهم بالملف الفلسطيني فلا يحتاج لبرهان، ومع هذا فقد أكد الدكتور محمد البلتاجي، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان، أن هناك علاقة وثيقة بين "الحرب على الإخوان وتوطين المشروع الصهيوني".
وشدد "البلتاجى" – في مقال له بعنوان (الحرب على الإخوان وعلاقتها بتوطين المشروع الصهيوني)- على أن "العلاقة وثيقة بين اعتقالات الإخوان المسلمين وتهيئة الأجواء لتقدم واستقرار المشروع الصهيوني وتوطينه وربط مستقبل المنطقة به"، مضيفا أن "وقائع التاريخ تؤكد أن جزءا كبيرا مما لحق بالإخوان المسلمين إن هو إلا ضريبة جهودهم لحشد الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني، وهي ضريبة ستستمر ما بقي الإخوان وما بقي الاحتلال لحين النجاح في قيام مشروح حضاري إسلامي يقود الأمة لنهضة حقيقية يعقبها زوال الاحتلال".
وأعلن البلتاجي صراحة "أن السبب الرئيسي وراء هذه القضية (قضية د. عبد المنعم أبو الفتوح المسماة بـ "التنظيم الدولي") هو تصفية الحسابات ومحاولة التعويق وتهديد العاملين في مجال العمل الإخواني لدعم ونصرة القضية الفلسطينية في الساحة الدولية". وأرجع هذا الصدام لـ "بديهية تعارض مشروع الإخوان المسلمين (الذي يضع في برنامجه مهمة الدفاع عن قضايا الأمة وفي القلب منها فلسطين وتحريرها) مع استقرار المشروع الصهيوني"، مشيرا إلى كل من محاضرة "إستراتيجيات الأمن القومي الصهيوني", التي ألقاها "آفي ديختر" في معهد الأمن القومي الإسرائيلي في نوفمبر 2008، والتي تعرض فيها للتخوفات من تقدم مشروع الإخوان المسلمين، ومحاضرة "تسيبي ليفني"، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، في باريس التي حرضت وطالبت فيها بضرورة التصدي لخطر الإخوان المسلمين، إضافة لسجل التاريخ الذي شهد تصاعد الضربات للإخوان كلما نشطوا لمحاربة العدو الصهيوني.
ويري "البلتاجي" أن "المعلَم الرئيسي لاعتقالات الإخوان المسلمين طوال 2008- 2009 والتي طالت قرابة ثلاثة آلاف من الإخوان في أفواج وأمواج متتالية ابتداء من يناير 2008"، هو "تحرك الإخوان لنصرة غزة. بل إن هناك من الإخوان أيضا من يربط بين المحاولات الأمريكية الأخيرة لدفع الدول العربية للتطبيع مع تل أبيب وما يواكبه من ضغوط ناعمة متنوعة، وبين الرغبة المصرية الرسمية في تهدئة الساحة الداخلية ووقف أو إجهاض أي فعاليات تصعيدية للإخوان على خلفية قضية فلسطين عبر رسائل الاعتقالات المتتالية.
ويلاحظ هنا أن العديد من مراكز الأبحاث الأمريكية زادت من وتيرة الحديث عن قضية الخلافة السياسية في مصر مؤخرا، وربطتها بأمرين: الوجود القوي لجماعة الإخوان، وعلاقة الخليفة السياسي الجديد مع إسرائيل.
وهذه النظرية المفترضة حول تمحور الخلاف على قضية فلسطين تنفي بالتالي أن يكون هناك صراعا على ما يسمي "التوريث الانتخابي" الذي دار حوله نقاش ساخن مؤخرا بعد تكهنات بحل مبكر للبرلمان المصري، خصوصا أن هذه القضية يصعب على الإخوان التأثير فيها، فضلا عن أن الحديث يدور عن انتخابات تعددية رئاسية يفوز فيها مرشح الحزب الحاكم أيا كان، سواء نجل الرئيس أو غيره.
مؤشرات حكومية
ويؤيد هذا الطرح الخاص بأن سبب التصعيد والرد الحكومي العنيف المتواصل ضد الإخوان هو لعب الإخوان على قضية فلسطين ودخولهم على خط تسويات دولية لإفسادها- ما عمق الهوة بين الطرفين- العديد من التصريحات التي صدرت عن مسئولين حكوميين مصريين تصب في خانة عدم تخلي مصر عن القضية الفلسطينية.. ظهر هذا في تصريحات الرئيس مبارك الأخيرة خلال لقاءه مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، حينما أكد أن القضية الفلسطينية "ستظل على رأس أولويات مصر والعالم العربي رغم ما تتعرض له المنطقة من أزمات وتهديدات ومخاطر".
كما أن مذكرة تحريات أمن الدولة الثانية لقضية التنظيم الدولي للإخوان، الذين ألقي القبض عليهم أواخر يونيو الماضي، أشارت ضمنا لمنافسة الإخوان للدور الحكومي، بالقول إن "التنظيم استغل التعاطف الجماهيري مع القضية الفلسطينية وقام بجمع التبرعات بدعوى استغلال حصيلتها في ضخها بالمؤسسات الاقتصادية للتنظيم".
وقالت المذكرة إن "أجهزة الأمن ضبطت وثيقة تنظيمية بعنوان (حملة فلسطين) ضمن مضبوطات القضية رقم 462 حصر أمن دولة عليا عام 2004، تتضمن خطة تحرك جماعة الإخوان المسلمين في الأوساط الجماهيرية والطلابية والجمعيات الأهلية والمؤسسات الحكومية لتفعيل القضية الفلسطينية وجمع التبرعات التي تستخدم في دعم الأنشطة الإخوانية".
ولوحظ في قرارات نيابة أمن الدولة العليا بمصر، والخاصة بحبس العشرات من المتهمين بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، أن النيابة وجهت للمعتقلين تهم: "الخروج في مظاهرات لإحراج النظام في مصر، واستغلال القضية الفلسطينية لإظهار النظام بمظهر متخاذل من القضية لإثارة الجماهير وإحداث بلبلة".
وعندما أثيرت أنباء الصفقة- التي قالت جريدة "الشروق" المصرية في عددها الصادر يوم 26 يوليو 2009 أنها طرحت على الإخوان من قبل شخصية سياسية، متضمنة وتنطوي على إطلاق سراح الإخوان مقابل عدم مشاركتهم في انتخابات 2011، ونفاها الدكتور علي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني الحاكم - لم يتنبه أحد لما قالته مصادر إخوانية للجريدة من أن "العرض الحكومي يقضي بوقف الحملة الأمنية والإفراج عن قيادات الجماعة، مقابل أن توقف الجماعة النشاطات التي تراها الدولة تحريضا وتأليبا للرأي العام ضدها تحت مظلة القضية الفلسطينية".
مؤشرات إخوانية
وأما تأكيدات الإخوان أنفسهم أن هناك علاقة بين الصدام الأخير وحملات الاعتقالات والمحاكمة، وبين تصعيد الإخوان أو تمسكهم بالملف الفلسطيني فلا يحتاج لبرهان، ومع هذا فقد أكد الدكتور محمد البلتاجي، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان، أن هناك علاقة وثيقة بين "الحرب على الإخوان وتوطين المشروع الصهيوني".
وشدد "البلتاجى" – في مقال له بعنوان (الحرب على الإخوان وعلاقتها بتوطين المشروع الصهيوني)- على أن "العلاقة وثيقة بين اعتقالات الإخوان المسلمين وتهيئة الأجواء لتقدم واستقرار المشروع الصهيوني وتوطينه وربط مستقبل المنطقة به"، مضيفا أن "وقائع التاريخ تؤكد أن جزءا كبيرا مما لحق بالإخوان المسلمين إن هو إلا ضريبة جهودهم لحشد الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني، وهي ضريبة ستستمر ما بقي الإخوان وما بقي الاحتلال لحين النجاح في قيام مشروح حضاري إسلامي يقود الأمة لنهضة حقيقية يعقبها زوال الاحتلال".
وأعلن البلتاجي صراحة "أن السبب الرئيسي وراء هذه القضية (قضية د. عبد المنعم أبو الفتوح المسماة بـ "التنظيم الدولي") هو تصفية الحسابات ومحاولة التعويق وتهديد العاملين في مجال العمل الإخواني لدعم ونصرة القضية الفلسطينية في الساحة الدولية". وأرجع هذا الصدام لـ "بديهية تعارض مشروع الإخوان المسلمين (الذي يضع في برنامجه مهمة الدفاع عن قضايا الأمة وفي القلب منها فلسطين وتحريرها) مع استقرار المشروع الصهيوني"، مشيرا إلى كل من محاضرة "إستراتيجيات الأمن القومي الصهيوني", التي ألقاها "آفي ديختر" في معهد الأمن القومي الإسرائيلي في نوفمبر 2008، والتي تعرض فيها للتخوفات من تقدم مشروع الإخوان المسلمين، ومحاضرة "تسيبي ليفني"، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، في باريس التي حرضت وطالبت فيها بضرورة التصدي لخطر الإخوان المسلمين، إضافة لسجل التاريخ الذي شهد تصاعد الضربات للإخوان كلما نشطوا لمحاربة العدو الصهيوني.
ويري "البلتاجي" أن "المعلَم الرئيسي لاعتقالات الإخوان المسلمين طوال 2008- 2009 والتي طالت قرابة ثلاثة آلاف من الإخوان في أفواج وأمواج متتالية ابتداء من يناير 2008"، هو "تحرك الإخوان لنصرة غزة. بل إن هناك من الإخوان أيضا من يربط بين المحاولات الأمريكية الأخيرة لدفع الدول العربية للتطبيع مع تل أبيب وما يواكبه من ضغوط ناعمة متنوعة، وبين الرغبة المصرية الرسمية في تهدئة الساحة الداخلية ووقف أو إجهاض أي فعاليات تصعيدية للإخوان على خلفية قضية فلسطين عبر رسائل الاعتقالات المتتالية.
ويلاحظ هنا أن العديد من مراكز الأبحاث الأمريكية زادت من وتيرة الحديث عن قضية الخلافة السياسية في مصر مؤخرا، وربطتها بأمرين: الوجود القوي لجماعة الإخوان، وعلاقة الخليفة السياسي الجديد مع إسرائيل.
ووصل الأمر ببعض هذه الدراسات لنشر تخوفات– لا مجال للتحقق من صحتها- من أن يصعد دور الإخوان ويؤثر هذا في الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع إسرائيل.
ولعل الدراسة التي نشرتها مجلة "ميدل إيست كوارتيرلي" الأمريكية (الموالية لإسرائيل والتي أسسسها الناشط اليهودي المتطرف دانيل بايبس) في يوليو الجاري 2009، وحملت عنوان "هل مصر مستقرة؟"، تمثل نموذجا على هذا الدس الأمريكي– الصهيوني لتسميم العلاقة بين السلطة والإخوان أو نقل رسائل للسلطة لتزيد ضغوطها على الإخوان.
وتحذر تلك الدراسة من خطر عدم الاستقرار بعد انتهاء فترة حكم الرئيس المصري حسني مبارك على أمن إسرائيل، وتقول إنه "إذا قدر للإخوان المسلمين أن يستحوذوا على السلطة، فسيعود تدمير إسرائيل ليصبح المبدأ الموحد للحكومات العربية من جديد".
وتنقل عن "توماس بارنيت"، وهو محلل أمريكي متخصص في الأمن القومي، وأستاذ سابق بكلية الحرب البحرية الأمريكية، قوله إن "الانتقال غير الآمن للسلطة في مصر من الممكن أن يخلق فراغا يمكن أن ينهض فيه الإخوان المسلمون".
الخلاصة
الأزمة الحالية الناجمة عن قضية ما سمي بـ "التنظيم الدولي" ربما كانت الأكثر كشفا بالتالي – بخلاف ما سبقها- للخطوط الحمراء التي لا تقبل السلطة في مصر أن يتخطاها الإخوان، خصوصا بعدما نتج عن هذا التحريض والتصعيد الإخواني ضد السلطة بسبب مواقفها من حصار غزة وغلق معبر رفح، تدهور في صورة مصر في العالمين العربي والإسلامي، أظهرها بمظهر من يتواطأ مع أمريكا وإسرائيل لحصار الشعب الفلسطيني رغم ما تقوم به القاهرة من محاولات لتسوية الأزمة.
ولكن لأن تاريخ الإخوان – بالمقابل – له صلة خاصة بالملف الفلسطيني منذ حرب 48 يقوم على مساندة تحرير فلسطين، فسيعني هذا أن الهوة ستظل متسعة بين السلطة والإخوان، ما يتوقع معه إما استمرار التصعيد مستقبلا خصوصا في ظل ترتيبات التطبيع ومطالب أمريكا بتقديم تنازلات عربية لإسرائيل، أو التوصل لتفاهمات بين السلطة والإخوان على الخطوط العامة الأساسية لتناول القضية بما يخفف من حدة الصدام بينهما، لا بمعني "الصفقة" لعدم تكافؤ الطرفين، وإنما بمعنى التفاهمات والرسائل التنسيقية!!.
ولعل الدراسة التي نشرتها مجلة "ميدل إيست كوارتيرلي" الأمريكية (الموالية لإسرائيل والتي أسسسها الناشط اليهودي المتطرف دانيل بايبس) في يوليو الجاري 2009، وحملت عنوان "هل مصر مستقرة؟"، تمثل نموذجا على هذا الدس الأمريكي– الصهيوني لتسميم العلاقة بين السلطة والإخوان أو نقل رسائل للسلطة لتزيد ضغوطها على الإخوان.
وتحذر تلك الدراسة من خطر عدم الاستقرار بعد انتهاء فترة حكم الرئيس المصري حسني مبارك على أمن إسرائيل، وتقول إنه "إذا قدر للإخوان المسلمين أن يستحوذوا على السلطة، فسيعود تدمير إسرائيل ليصبح المبدأ الموحد للحكومات العربية من جديد".
وتنقل عن "توماس بارنيت"، وهو محلل أمريكي متخصص في الأمن القومي، وأستاذ سابق بكلية الحرب البحرية الأمريكية، قوله إن "الانتقال غير الآمن للسلطة في مصر من الممكن أن يخلق فراغا يمكن أن ينهض فيه الإخوان المسلمون".
الخلاصة
الأزمة الحالية الناجمة عن قضية ما سمي بـ "التنظيم الدولي" ربما كانت الأكثر كشفا بالتالي – بخلاف ما سبقها- للخطوط الحمراء التي لا تقبل السلطة في مصر أن يتخطاها الإخوان، خصوصا بعدما نتج عن هذا التحريض والتصعيد الإخواني ضد السلطة بسبب مواقفها من حصار غزة وغلق معبر رفح، تدهور في صورة مصر في العالمين العربي والإسلامي، أظهرها بمظهر من يتواطأ مع أمريكا وإسرائيل لحصار الشعب الفلسطيني رغم ما تقوم به القاهرة من محاولات لتسوية الأزمة.
ولكن لأن تاريخ الإخوان – بالمقابل – له صلة خاصة بالملف الفلسطيني منذ حرب 48 يقوم على مساندة تحرير فلسطين، فسيعني هذا أن الهوة ستظل متسعة بين السلطة والإخوان، ما يتوقع معه إما استمرار التصعيد مستقبلا خصوصا في ظل ترتيبات التطبيع ومطالب أمريكا بتقديم تنازلات عربية لإسرائيل، أو التوصل لتفاهمات بين السلطة والإخوان على الخطوط العامة الأساسية لتناول القضية بما يخفف من حدة الصدام بينهما، لا بمعني "الصفقة" لعدم تكافؤ الطرفين، وإنما بمعنى التفاهمات والرسائل التنسيقية!!.
هناك تعليقان (٢):
انها مازالت تنتظر صلاح الدين ليحررها يقينى انه أتى لا محالة
تفضل بزيارتى eng-gamed.blogspot.com
إرسال تعليق