و من منا لا يعرف محمد أبو تريكة صاحب الشهرة العالمية و ليست المحلية أو الإقليمية فقط.. ذلك اللاعب الذي أدهش العالم بشهرته الرهيبة التى اكتسبها لاجتماع عدة صفات فيه قلما أن تجتمع في لاعب من اللاعبين، أبو تريكة الهداف و المهاجم و لاعب الارتكاز و صانع الألعاب الخلوق المتواضع المتدين الساجد و أخيراً و ليس آخراً.. الواعي بقضايا أمته.
يوم أن أهان الدانماركيون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برسومهم إياها.. أحرز أبو تريكة الهدف ليرفع فانلته ليظهر من تحتها (نحن فداؤك يا رسول الله).. و اليوم، ومع الحصار الغاشم على غزة.. أحرز أبو تريكة الهدف ليرفع فانلته مظهراً من تحتها (تعاطفاً مع غزة).. وكأن أبو تريكة لا يحرز الأهداف لكونها سبيل للفوز في المباراة، و لكن الأهداف بالنسبة له هي الظرف الذي يحمل الرسالة التي يرسلها إلى كل العالم.
الغريب في أبو تريكة أنه كان يلبس هذه الفانلة و هو على دكة الاحتياطي، ولاحظ معى أن منتخب مصر كان يلعب مع فريق ضعيف نسبياً (السودان)، و قد هزم من فرقة زامبيا بثلاثة أهداف، أي أن احتمالات أن يقوم حسن شحاتة بتغييرات في مباراة كهذه احتمالات ضعيفة جداُ.. و مع هذا يرتبص الأسد للنزول و يستعد حاملاً رسالته معه، و ينزل الملعب، و يرسل أبو تريكة الكرة لعمرو زكي ليحرز الهدف، و مع هذا، يعيد عمر الكرة لأبو تريكة ليحرز هو الهدف، و يحرزه أبو تريكة ليرفع فانلته (تعاطفاً مع غزة.. Sympathize with Ghaza)... سدد الله رميك يا أبو تريكة.. إنها إرادة الله أن تبعث برسائلك.. فمن أدراك أنك ستنزل الملعب و من أدراك أنك ستحرز أهدافاً.. الله أعلم.
الطبيعي عندنا (كملتزمين) عندما نحب أن نعبر عن غياب القدوة أو ضياع المستقبل.. فإننا غالباً ما نشير إلى فئتين من الناس، الفنانون، ولاعبوا الكرة.. ذلك أننا نرى أن هؤلاء هم من يأخذون أجورهم على التفاهات و الكلام الفارغ.. و لكن أبو تريكة أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنك تستطيع أن تكون لاعباً، في نفس الوقت الذي يمكن أن تكون فيه صاحب رسالة، تطلقها بقوة لتستقر في أدمغة الملايين، و تؤثر فيهم و تعلمهم معنى أن يكون لك رأي و أن لا تخاف من الدنيا طالما أن الحق معك.
أبو تريكة الذي علم اللاعبين و أكد في أدمغتهم أن تسجد لله شكراً بعد الهدف، هو الذي جعل هتاف (أرقص يا حضري) فعلاً و عملاً (أسجد يا حضري) و كلنا رأينا الكاميرا بعد الأهداف تنطلق إلى عصام الحضري - الذي اشتهر بهتاف الرقص - لتظهره ساجداً لله يرفع يديه بالشكر إليه و الحمد.
إلى من علم اللاعبين أن يكون لهم رسالة... لم تكن أمنيتي أن يدخل المنتخب المصري كأس العالم أكبر منها مثل الآن.. بالفعل، أدعو الله أن يدخل المنتخب المصري كأس العالم و معهم لاعب مثلك ليعلموا العالم معنى أن تكون فريقاً ساجداً لله يحرز أهدافه لا من أجل المباراة و لكن تعاطفاً مع غزة.